Forum islam net
Would you like to react to this message? Create an account in a few clicks or log in to continue.
Search
 
 

Display results as :
 


Rechercher Advanced Search

Latest topics
» Sites Islamic
لم تقولون ما لا تفعلون Icon_minitimeWed Sep 04, 2024 11:19 pm by islamnet

» الإيمان بسؤال القبر ونعيمه وعذابه
لم تقولون ما لا تفعلون Icon_minitimeTue Sep 03, 2024 11:48 pm by islamnet

» من وسائل الثواب
لم تقولون ما لا تفعلون Icon_minitimeTue Sep 03, 2024 11:46 pm by islamnet

» عضل النساء
لم تقولون ما لا تفعلون Icon_minitimeTue Sep 03, 2024 11:44 pm by islamnet

» متى نصر الله
لم تقولون ما لا تفعلون Icon_minitimeSun Sep 01, 2024 8:16 pm by islamnet

» الاهْتِمام بالضُعَفاء في السيرةِ النبَويَّة
لم تقولون ما لا تفعلون Icon_minitimeSun Sep 01, 2024 8:14 pm by islamnet

» لفظ (الخيانة) في القرآن الكريم
لم تقولون ما لا تفعلون Icon_minitimeSun Sep 01, 2024 8:06 pm by islamnet

» لفظ (الخيانة) في القرآن الكريم
لم تقولون ما لا تفعلون Icon_minitimeSun Sep 01, 2024 7:52 pm by islamnet

» في الحديث : {إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها
لم تقولون ما لا تفعلون Icon_minitimeThu Aug 29, 2024 5:50 pm by Morocco1978

» معنى قول الله عز وجل: (ولقد رآه نزلة أخرى)، وهل رأى النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء
لم تقولون ما لا تفعلون Icon_minitimeThu Aug 29, 2024 5:46 pm by Morocco1978

» لا تنفذون إلا بسلطان
لم تقولون ما لا تفعلون Icon_minitimeSun Aug 25, 2024 9:10 pm by Spider man

» مفهوم الأسرة الممتدة في السنة النبوية
لم تقولون ما لا تفعلون Icon_minitimeSun Aug 25, 2024 7:46 pm by Spider man

» منزلة القرآن الكريم وحقوقه علينا
لم تقولون ما لا تفعلون Icon_minitimeFri Aug 23, 2024 1:43 pm by Amine

» جمع لأحكام وفضائل الجمعة
لم تقولون ما لا تفعلون Icon_minitimeFri Aug 23, 2024 12:54 pm by Amine

» الاستدانة هم بالليل وذل بالنهار
لم تقولون ما لا تفعلون Icon_minitimeTue Aug 20, 2024 10:56 pm by islamnet

» مواقف من مراعاة النبي صلى الله عليه وسلم لمشاعر المرأة
لم تقولون ما لا تفعلون Icon_minitimeMon Aug 19, 2024 4:40 pm by islamnet

» مقاصد سورة الصف
لم تقولون ما لا تفعلون Icon_minitimeMon Aug 19, 2024 3:57 pm by islamnet

» علاج آلام الأقدام من سنة النبي عليه الصلاة والسلام
لم تقولون ما لا تفعلون Icon_minitimeFri Aug 16, 2024 3:02 pm by islamnet

» علاج آلام الأقدام من سنة النبي عليه الصلاة والسلام
لم تقولون ما لا تفعلون Icon_minitimeFri Aug 16, 2024 3:01 pm by islamnet

» الغيب في حياة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام
لم تقولون ما لا تفعلون Icon_minitimeFri Aug 16, 2024 2:59 pm by islamnet

» فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله
لم تقولون ما لا تفعلون Icon_minitimeTue Nov 07, 2023 6:07 pm by islamnet

» متى نصر الله
لم تقولون ما لا تفعلون Icon_minitimeTue Nov 07, 2023 6:03 pm by islamnet

» التوحيد أولى المطالب
لم تقولون ما لا تفعلون Icon_minitimeWed Nov 01, 2023 4:53 pm by Hicham

» نُصْرَة المظلومين في سِيرة خير المُرْسَلِين
لم تقولون ما لا تفعلون Icon_minitimeWed Nov 01, 2023 4:50 pm by Hicham

» الاهتمام بأمر المسلمين في السنة النبوية
لم تقولون ما لا تفعلون Icon_minitimeWed Nov 01, 2023 4:46 pm by Hicham

» من حِكَم البلاء
لم تقولون ما لا تفعلون Icon_minitimeWed Nov 01, 2023 4:43 pm by Hicham

» واجب المسلم تجاه إخوانه في فلسطين المحتلة
لم تقولون ما لا تفعلون Icon_minitimeWed Oct 25, 2023 9:17 pm by islamnet

» الصبر نصف الإيمان
لم تقولون ما لا تفعلون Icon_minitimeSun Oct 22, 2023 3:33 pm by Spider man

» المسجد الأقصى في تاريخنا
لم تقولون ما لا تفعلون Icon_minitimeSun Oct 22, 2023 3:29 pm by Spider man

» البأساء والضراء في القرآن الكريم
لم تقولون ما لا تفعلون Icon_minitimeThu Oct 19, 2023 11:37 pm by islamnet

» أسباب الفلاح كما بَيَّنَتْهَا السُّنَّةُ النَّبَوِيَّة
لم تقولون ما لا تفعلون Icon_minitimeThu Oct 19, 2023 11:29 pm by Admin

» الأدلة على عدم جواز الترحم على غير المسلم بعد موته، مع رد شبهات المجيزين
لم تقولون ما لا تفعلون Icon_minitimeThu Oct 19, 2023 11:27 pm by Admin

» الصبر نصف الإيمان
لم تقولون ما لا تفعلون Icon_minitimeThu Oct 19, 2023 11:21 pm by Amine Morocco Sat

» مواعظ نبوية بشأن الصلاة
لم تقولون ما لا تفعلون Icon_minitimeTue Oct 17, 2023 7:13 pm by Morocco1978

» الصحابة في مَنْهج أهل السُنة
لم تقولون ما لا تفعلون Icon_minitimeTue Oct 17, 2023 6:58 pm by Morocco1978

» ثلاثة عقود في المكر للإسلام
لم تقولون ما لا تفعلون Icon_minitimeMon Oct 16, 2023 12:19 am by Hicham

» مزاح أم سخرية ؟؟؟
لم تقولون ما لا تفعلون Icon_minitimeSun Oct 15, 2023 7:20 pm by Imane

» وأفوض أمري إلى الله
لم تقولون ما لا تفعلون Icon_minitimeSat Oct 14, 2023 4:05 pm by Morocco1978

» الحكم الشرعي للعلاج بالطاقة
لم تقولون ما لا تفعلون Icon_minitimeSat Oct 14, 2023 12:01 am by islamnet

» تكرار سؤال الله دخول الجنة، والاستجارة من النار ثلاثا أو سبعا
لم تقولون ما لا تفعلون Icon_minitimeFri Oct 13, 2023 10:26 pm by islamnet

» مواعظ نبوية بشأن الصلاة
لم تقولون ما لا تفعلون Icon_minitimeFri Oct 13, 2023 10:24 pm by islamnet

» سُبحانَ ذي الجبَروتِ والمَلَكوتِ والكِبرياء والعَظَمة
لم تقولون ما لا تفعلون Icon_minitimeFri Oct 13, 2023 10:21 pm by islamnet

» الإيمان برقابة الله تعالى
لم تقولون ما لا تفعلون Icon_minitimeFri Oct 13, 2023 10:16 pm by islamnet

» الصحابة في مَنْهج أهل السُنة
لم تقولون ما لا تفعلون Icon_minitimeFri Oct 13, 2023 10:13 pm by islamnet

» أسرة إبراهيم عليه السلام
لم تقولون ما لا تفعلون Icon_minitimeFri Oct 13, 2023 9:16 pm by islamnet

» السيرة النبوية والوسطية والاعتدال
لم تقولون ما لا تفعلون Icon_minitimeFri Oct 13, 2023 9:12 pm by islamnet

» السيرة النبوية والوسطية والاعتدال
لم تقولون ما لا تفعلون Icon_minitimeFri Oct 13, 2023 9:12 pm by islamnet

» الإمام أبو حنيفة النعمان
لم تقولون ما لا تفعلون Icon_minitimeFri Oct 13, 2023 7:35 pm by islamnet

» لم تقولون ما لا تفعلون
لم تقولون ما لا تفعلون Icon_minitimeFri Oct 13, 2023 7:19 pm by islamnet

» من أسباب الغلو الإعراض عن سؤال العلماء
لم تقولون ما لا تفعلون Icon_minitimeFri Oct 13, 2023 7:16 pm by islamnet

» إذا مررتم برياض الجنة.. فارتعوا
لم تقولون ما لا تفعلون Icon_minitimeFri Oct 13, 2023 7:11 pm by islamnet

Social bookmarking

Social bookmarking reddit      



Bookmark and share the address of Forum islam net on your social bookmarking website

September 2024
MonTueWedThuFriSatSun
      1
2345678
9101112131415
16171819202122
23242526272829
30      

Calendar Calendar

RSS feeds


Yahoo! 
MSN 
AOL 
Netvibes 
Bloglines 


Affiliates

visit Forumotion

Forumotion on Facebook Forumotion on Twitter Forumotion on YouTube

Navigation
 Portal
 Index
 Memberlist
 Profile
 FAQ
 Search

لم تقولون ما لا تفعلون

Go down

لم تقولون ما لا تفعلون Empty لم تقولون ما لا تفعلون

Post by islamnet Fri Oct 13, 2023 7:19 pm

لم تقولون ما لا تفعلون

لم تقولون ما لا تفعلون 1572336627_229027

في سورة الصف نقرأ قوله الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون * كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون} (الصف:2-3).

أخرج الطبري في تفسيره عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: كان ناس من المؤمنين قبل أن يفرض الجهاد يقولون: لودِدنا أنَّ الله عز وجل دلَّنا على أحب الأعمال إليه فنعمل بها، فأخبر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم أن أحب الأعمال: إيمان به، لا شك فيه، وجهاد أهل معصيته، الذين خالفوا الإيمان، ولم يُقِرّوا به. فلما نزل الجهاد، كره ذلك ناس من المؤمنين، وشقَّ عليهم أمره، فأنزل الله سبحانه وتعالى قوله: {يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون}.

وإذا كانت العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، كما هو مقرر في علم الأصول، فإن الآية الكريمة تبقى أبعد مدى من الحادثة الفردية التي نزلت لمواجهتها، وأشمل لحالات كثيرة غير الحالة التي نزلت بسببها، فهي تحيط بكل حالة من الحالات التي يقع فيها الانفصام بين الإيمان والحركة به، أو بين القول والعمل، أو العلم والعمل.

والعلم لا يراد به أصلاً إلا العمل، وكل علم لا يفيد عملاً، ولا يتوقف عليه حفظ مقاصد الشريعة، فليس في الشرع ما يدل على استحسانه، والعلم المعتبر شرعاً، الذي مدح الله تعالى ورسوله أهله، على الإطلاق، هو العلم الباعث على العمل، الذي لا يخلِّي صاحبه جارياً مع هواه كيفما كان. بل هو المقيد صاحبه بمقتضاه، الحامل له على قوانينه طوعاً أو كرهاً.

وعندئذ يصير العلم وصفاً من الأوصاف الثابتة لصاحبه، يأبى للعالم أن يخالفه؛ لأن ما صار كالوصف الثابت لا ينصرف صاحبه إلا على وفقه اعتياداً، وإن تخلّف فإنما يكون تخلّفه لعناد، أو غفلة.

وليس عالماً ذاك الذي لم يعمل بعلمه، ولا يستحق وصف التكريم هذا، فعن علي رضي الله عنه، قال: "يا حملة العلم: اعملوا به، فإن العالم من عَلِم ثم عمل، ووافق علمه عمله، وسيكون أقوام يحملون العلم، لا يجاوز تراقيهم تخالف سريرتهم علانيتهم، ويخالف علمهم عملهم، يقعدون حِلقاً، يباهي بعضهم بعضاً؛ حتى إن الرجل ليغضب على جليسه أن يجلس إلى غيره ويدعه، أولئك لا تصعد أعمالهم إلى الله عز وجل".

وقال الحسن البصري: "العالم الذي وافق علمه عمله، ومن خالف علمه عمله فذلك راوية، سمع شيئاً فقاله". وقال الثوري: "العلماء إذا علموا عملوا، فإذا عملوا شُغِلوا". وقال أيضاً: "العلم يهتف بالعمل، فإن أجابه وإلا ارتحل".

فالذين لا يعملون بعلمهم ولا يتسق سلوكهم مع عملهم، فضلاً عن أن يكونوا من الراسخين في العلم، وإنما هم رواة أخبار وحفظة أسفار، والفقه فيما رووه أمر آخر وراء هذا. أو هم ممن غلب عليهم الهوى فغطّى على قلوبهم.

وهنا ينبغي أن يوجّه اللوم، والعتاب كلُ العتاب، لمن يفعل ذلك، وحسبك أن الله تعالى سمّى ذلك الانفصام بين القول والعمل مقتاً، بل جعله أكبر المقت وأشدّ البغض، فقال: {كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون} وما سمَّى الله تعالى شيئاً بهذا الاسم، ولا أطلقه عليه إلا في أمرين:

أولهما: الجدال في الله وآياته بغير سلطان وعلم، قال سبحانه: {الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم كبر مقتا عند الله وعند الذين آمنوا} (غافر:35).

وثانيهما: نكاح الرجل زوجة أبيه المتوفى عنها أو المطلقة، كما كان يفعله الجاهليون، قال تعالى: {ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف إنه كان فاحشة ومقتا وساء سبيلا} (النساء:22). ومن هذا نعلم عظم الآفة الكبيرة والداء الخطير في الانفصام بين القول والعمل، أو بين الإيمان والسلوك.

إن الإيمان ليس مجرد كلمات يديرها الإنسان على لسانه، ويتحلى بها أمام الناس، ويتشدق بها في المناسبات دون أن يكون لها أثرها في سلوكه وواقعه، ودون أن تترجم إلى واقع حي يراه الناس، فيكون هذا الواقع العملي الظاهر والالتزام مؤشراً على الإيمان الصحيح وعمقه في نفس صاحبه.

يقول صاحب الظلال رحمه الله: "إن الإيمان الصحيح متى استقر في القلب ظهرت آثاره في السلوك، والإسلام عقيدة متحركة، لا تطيق السلبية، فهي بمجرد تحققها في عالم الشعور، تتحرك لتحقق مدلولها في الخارج، ولتترجم نفسها إلى حركة وإلى حركة في عالم الواقع. ومنهج الإسلام الواضح يقوم على أساس تحويل الشعور الباطن بالعقيدة وآدابها إلى حركة سلوكية؛ لتبقى حية متصلّة بالينبوع الأصيل".

والمؤمن لا يخالف قوله فعله، وهو الذي يبدأ بنفسه أولاً فيحملها على الخير والبر، قبل أن يتوجه بهما إلى غيره؛ ليكون بذلك الأسوة الحسنة، والقدوة المثلى لمن يدعوهم، وليكون لكلامه ذلك التأثير في نفوس السامعين الذين يدعوهم، بل إنه ليس بحاجة إلى كثير عندئذ، فحسْبُ الناس أن ينظروا إلى واقعه وسلوكه، ليروا فيهما الإسلام والإيمان حياً يمشي أمامهم على الأرض، وليشعّ بنوره على من حوله، فيضيء الطريق للسالكين، وتنفتح عليه العيون ويقع في القلوب، فيحمل الناس بذلك على التأسي والاتباع. فهو يدعو بسلوكه وواقعه قبل أن يدعو بقوله وكلامه. ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم خير أسوة، فقد كان عليه الصلاة والسلام إذا أمر الناس بأمر كان أشد الناس تمسكاً به، وكان يحمل أهل بيته على ذلك قبل أن يدعو غيرهم.

عن سعيد بن هشام قال: سألت عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، فقلت: أخبريني عن خُلِق رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: أما تقرأ القرآن؟ قلت: بلى، قالت: (كان خلقه القرآن) رواه مسلم، فمهما أمره القرآن بشيء امتثله، ومهما نهاه عنه تركه.

وهي إجابة دقيقة من أم المؤمنين رضي الله عنها، وهي إجابة موجزة جامعة أيضاً، تحمل في طياتها كل ما يخطر على بال المرء من أخلاق الكمال وصفات العظمة، فحسبك أن يكون عليه الصلاة والسلام، ترجمة عملية حية لمبادئ القرآن الكريم، فإذا أراد المرء أن يعرف أخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم، فلينظر إلى القرآن الكريم، وليقرأ ما فيه من آيات تحث على الأخلاق، وإذا أراد أن يرى القرآن الكريم واقعاً عملياً في حياة الناس فلينظر إلى خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليدرس سيرته بكل وعي وعناية واهتمام وبقلب مفتوح على الخير، وبعزيمة صادقة، تحمل على التأسي والمتابعة، فكل واحد منهما دال على الآخر. لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، أكبر قدوة للبشرية في تاريخها الطويل، وكان مربياً وهادياً بسلوكه الشخصي قبل أن يكون بالكلام الذي ينطق به سواء في ذلك القرآن المنزل أو حديث الرسول صلى الله عليه وسلم.

وإنها لمصيبة كبيرة، وخسارة ما بعدها خسارة، أن يتحول الإيمان والإسلام في سلوك أصحابه إلى كلمات ودعاوى، لا تتجاوز الحناجر، وأن ينطلق المسلم، يدعو غيره إلى البر والهدى والخير، ولكنه يترك نفسه بمعزل عن ذلك، ويعطيها إجازة تتمتع بها، ولا يحملها حملاً على أن تكون سبّاقة إلى هذه الدعوة والعمل بمقتضاها.

ولقد نعى الله سبحانه على بني إسرائيل، وبخاصة أولئك الأحبار فيهم، ووبَّخهم علي سلوكهم، فهم يأمرون الناس بالبر، الذي هو جماع الخير، ولكنهم ينسون أنفسهم فلا يأتمرون بما يأمرون الناس به، مع علمهم بجزاء من قصّر في أوامر الله سبحانه قال: {وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون} (البقرة:44).

وفي ظلال هذه الآية الكريمة تحدث سيد قطب رحمه الله عن آثار الدعوة إلى البر والمخالفة عنه في السلوك، يقول: "ومع أن هذا النص القرآني كان يواجه ابتداءً حالة واقعة من بني إسرائيل، فإنه في إيحائه للنفس البشرية، ولرجال الدين بصفة خاصة، دائم لا يخص قوماً دون قوم، ولا يعني جيلاً دون جيل.

إن آفة رجال الدين -حين يصبح الدين حرفة وصناعة لا عقيدة حارة دافعة- أنهم يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم، يأمرون بالخير ولا يفعلونه، ويدعون إلى البر ويهملونه، ويحرفون الكلام عن مواضعه، ويؤلفون النصوص القاطعة خدمة للغرض والهوى، ويجدون فتاوى وتأويلات، قد تتفق في ظاهرها مع ظاهر النصوص، ولكنها تختلف في حقيقتها عن حقيقة الدين؛ لتبرير أغراض وأهواء لمن يملكون المال أو السلطان!

والدعوة إلى البر والمخالفة عنه في سلوك الداعين إليه، هي الآفة التي تصيب النفوس بالشك، لا في الدعاة وحدهم، ولكن في الدعوات ذاتها، وهي تبلبل قلوب الناس وأفكارهم، أنهم يسمعون قولاً جميلاً، ويشهدون فعلاً قبيحاً، فتتملكهم الحيرة بين القول والفعل، وتخبو في أرواحهم الشعلة التي توقدها العقيدة، وينطفئ في قلوبهم النور الذي يشعه الإيمان، ولا يعودون يثقون في الدين بعد ما فقدوا ثقتهم في رجال الدين".

وما أعظم ذنب أولئك الذين يصدون عن دين الله ويقفون حجرة عثرة أمام الدخول فيه والتمسك بأحكامه؛ لأنهم بسلوكهم ذاك ينفّرون الناس من الدين، وتنطلق الألسنة المتبجحة لتقول: انظروا إلى فلان...إنه يدعونا إلى شيء ويخالفنا إلى غيره، ولو كان ما دعونا إليه حقاً لاتبعه وتمسك به؟ فيتركون عندئذ الدين، بسبب سلوكه ذاك !وكم يتحملون من أوزار الذين تابعوهم في سلوكهم ذاك، إذ أنهم حملوهم على المخالفة والإثم بالإيحاء والقدوة العملية، ولولاهم ما وقعوا في ذلك، فهم الذين سنَّوا هذه السنة السيئة فكان عليهم إثمهم وآثام من اتبعهم.

وقبل أن يدعو الداعية غيره إلى الخير ينبغي أن يتمسك هو به، ولن يستطيع المريض أن يعالج مرضاً مثله، وما أجمل الحكمة التي أجراها الله تعالى على لسان أبي الأسود الدؤلي، عندما قال:

يا أيها الرجل المعلم غيره هلا لنفسك كان ذا التعليم

تصف الدواء لذي السقام وذي الضنى كيما يصح به وأنت سقيم

ابدأ بنفسك فانهها عن غيِّها فإن انتهت عنه فأنت حكيم

لا تنه عن خلق وتأتي مثله عار عليك إذا فعلت عظيم

وإذا كان لعدم الموافقة بين القول والعمل تلك الآثار، فإنه ليس غريباً أن يشدد الإسلام في عقوبة الذين يأمرون بالمعروف ولا يأتونه، فيجعلونه وراءهم ظهرياً، وينهون عن المنكر ويفعلونه، وأولئك هم علماء السوء، وصفوا الحق والعدل بألسنتهم وخالفوه إلى غيره، فلم يعملوا به؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن أوَّل الناس يُقضى عليه يوم القيامة...ورجلٌ تعلّم العلم وعلّمه، وقرأ القرآن، فأتي به فعرَّفه نعمه، فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: تعلَّمتُ العلم وعلَّمته، وقرأت فيك القرآن. قال: كذبت ولكنك تعلّمت العلم ليقال: إنك عالم، وقرأت القرآن ليقال: هو قارئ فقد قيل، ثم أُمر به فسُحِب على وجهه حتى ألقي في النَّار) رواه مسلم.

وعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (يؤتى بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار، فتندلق أقتاب بطنه -الأقتاب: الأمعاء، واحدها: قتب بالكسر- فيدور بها كما يدور الحمار بالرحى، فيجتمع إليه أهل النار، فيقولون: يا فلان ما لك؟ ألم تكن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر؟ فيقول: بلى، كنت آمر بالمعروف ولا آتية، وأنهى عن المنكر وآتيه) متفق عليه. ودوران هذا الحمار بأقتاب بطنه يوم القيامة، يعيد إلى الأذهان تلك الصورة المزرية البائسة لأولئك الذين حُمّلوا التوراة، وكُلِّفوا العمل بها، ولكنهم لم يحملوها، ونكصوا على أعقابهم، فكانوا من الخاسرين، وأولئك هم اليهود...كالحمار يحمل أثقالاً من الكتب، ليس له منها نصيب إلا أن يشعر بثقلها على طهره، وينوء بحملها: {مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا بئس مثل القوم الذين كذبوا بآيات الله والله لا يهدي القوم الظالمين} (الجمعة:5).

وغير خافٍ صورة ذاك الذي آتاه الله آياته، فلم يعمل بما آتاه الله من العلم، فانسلخ منها كما تنسلخ الحَية من جلدها وتتركه على الأرض: {واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين * ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث ذلك مثل القوم الذين كذبوا بآياتنا فاقصص القصص لعلهم يتفكرون} (الأعراف:175-176).

وليس هذا شأن يهود فحسب، بل إن إخوانهم من المنافقين يلتقون معهم في هذه السمة وينهلون من نفس المنهل: {ويقولون آمنا بالله وبالرسول وأطعنا ثم يتولى فريق منهم من بعد ذلك وما أولئك بالمؤمنين * وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضون} (النور:47-48) {ويقولون طاعة فإذا برزوا من عندك بيت طائفة منهم غير الذي تقول} (النساء:81) {ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام * وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد} (البقرة:204-205).

هذه صورة المنافقين، وتلك صورة يهود...فليحذر المؤمنون أن يقعوا فيما وقع فيه هؤلاء، إذ ليس الإيمان بالتحلي ولا بالتمني، ولكن ما وقر في القلوب وصدّقته الأعمال، من قال حسناً، وعمل غير صالح، ردّه الله على قوله، ومن قال حسناً وعمل صالحاً، رفعه العمل، وذلك بأن الله تعالى يقول: {من كان يريد العزة فلله العزة جميعا إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه} (فاطر:10).

وما أروع كلمة شعيب عليه الصلاة والسلام، وما أكثرها إنصافاً عندما قال لقومه: {وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب} (هود:88).

وليت الدعاة، وليت الذين نصبوا أنفسهم للعمل الإسلامي يضعون هذا المبدأ الذي أرشد إليه شعيب عليه الصلاة والسلام نصب أعينهم، فلا يخالفون إلى ما ينهون عنه؛ ليكون لكلامهم ذلك التأثير في نفوس المدعوين.

وكم نجد أناساً يدعون إلى وحدة الكلمة وجمع صفوف المسلمين على الحق، وهم أنفسهم في واقعهم دعاة فرقة وضلال؛ يدعون إلى التمسك بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وهم أبعد الناس عن الكتاب والسنة، يقدمون آراءهم وآراء من يقلدونهم ويتبعونهم على الكتاب والسنة، صراحة أو تأويلاً يدعون إلى الحفاظ على الإخوة الإيمانية وحقوق الأخوة، ولكنهم يزورون عن إخوانهم ولا يفون بحقوقهم لمجرد خلاف في الرأي أو الفهم، يتحدثون عن وجوب التثبت في نقل الأخبار، ولكنهم يجرون وراء الشائعات ويرمون غيرهم فظائع التهم، ولا يكلّفون أنفسهم الرجوع إلى مصدر صادق ليتثبتوا فيما ينقلونه؛ لئلا يظلموا إخوة لهم، أو يرمونهم بتهم باطلة! يتحدثون عن تحريم الغيبة وآثارها وضررها، ولكنهم لا يتفكهون إلا بأعراض الآخرين، ولا يتندرون إلا بما يتخيلونه من سيئ الخلال؛ ويتحدثون عن مفاصلة المشركين والعلمانيين والمرتدين والملحدين، ولا يجدون بأساً، أو غضاضة في مجالستهم ومداهنتهم، بل قد يرتمون في أحضانهم، ويؤمِّلون عندهم ويرجون، ما لا يؤمِّلون عند الله ويرجون...إلى غير ذلك من المفارقات العجيبة الغريبة، فليحذر المسلمون ذلك كله وأشباهه، فإنها أمراض جدُّ خطيرة، ولها آثارها السيئة، في حياة الدعوة والدعاة، نسأل الله تعالى أن يلهمنا الصواب في القول والعمل.

مادة المقال مستفادة من مجلة البيان، السنة الأولى، ذو الحجة (1406هـ) بتصرف.
islamnet
islamnet
Admin
Admin
https://i.servimg.com/u/f17/20/52/68/78/4e311d10.gif
https://i.servimg.com/u/f17/20/52/68/78/4e311d10.gif
https://www3.0zz0.com/2023/10/19/22/824410673.gif
https://www3.0zz0.com/2023/10/19/22/824410673.gif
https://i.servimg.com/u/f17/20/52/68/78/ia_ai_10.gif
https://i.servimg.com/u/f17/20/52/68/78/ia_ai_10.gif

Posts : 31
Join date : 2023-10-13

https://islamweb.goodforum.net

Back to top Go down

Back to top


 
Permissions in this forum:
You cannot reply to topics in this forum