Social bookmarking
Latest topics
Search
فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله
Page 1 of 1
فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله
فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله
الإنسان في هذه الحياة لابد أن تقابله مشاكل ومتاعب، وبلايا ومصائب، وهذا أمر لا يخلو منه أحد من الناس فهذه هي طبيعة الحياة.
خلقت على كدر وأنت تريدها صفوا من الأقذاء والأكدار
ومكلف الأيام ضد طباعها متطلب في الماء جذوة نار
فطبيعة الحياة أن يكون فيها ابتلاءات وامتحانات وانكسارات أحيانا، لكن من فضل الله على أهل الإيمان أنه جعل من الإيمان سلوى يتسلون بها، وحافظا يحفظ به أهله ويحميهم من الوهن ومن التسخط والتبرم، ويصونهم من الانكسار أو اليأس أو التنازل، وهكذا الإيمان يصنع بأهله.
بشاشة الإيمان في القلوب
لما أحضر هرق ملك الروم أبا سفيان ليسأله عن أحوال رسول الله صلى الله وأحوال أتباعه، كان مما قال له: هلْ يَرْتَدُّ أحَدٌ منهم سَخْطَةً لِدِينِهِ بَعْدَ أنْ يَدْخُلَ فِيهِ؟ فقال أبو سفيان: لَا. قال هرقل: كَذلكَ الإيمَانُ، حِينَ تُخَالِطُ بَشَاشَتُهُ القُلُوبَ لا يَسْخَطُهُ أحَدٌ.
فالإيمان يحمي صاحبه ويحفظه من أن يتنازل، من أن ينكسر، من أن يضل، من أن يضيع، من أن يبيع دينه بعرض من الدنيا قليل.
بلال رضي الله عنه كان المشركون يعذبونه أشد العذاب، ويخرجونه في الرمضاء في هذا الحر الملتهب ويضعون الحجارة الحارقة على صدره العاري، وهو يقول ويكرر: أحد أحد.. فما ضعف ولا وهن، ولما سألوه لماذا يقول أحد.. أحد؟ قال: لأنهم يغتاظون منها، ولو أعلم كلمة هي أغيظ لهم منها لقلتها.
زنيرة جارية بني مؤمل، أسلمت فعذبتها سيدتها والمشركون حتى عميت وكف بصرها، ثم قال لها: إن اللات والعزى هي التي انتقمت منها لكفرها بهما.. فقالت: والله ما تدري اللات والعزى من يعبدهما، ولو شاء ربي لرد علي بصري.. فأصبحت وقد رد الله عليها بصرها.
لما أخذوا خبيب بن عدي في بعث الرجيع، ثم نصبوا له خشبة وصلبوه عليها استعدادا لقتله.. جاءه أبو سفيان وقال: يا خبيب أتحب أن محمدا مكانك نضرب عنقه، وأنت في بيتك وبين أهلك؟ فقال: والله ما أحب أني بين أهلي ورسول الله صلى الله عليه وسلم في المكان الذي هو فيه تشوكه شوكة.. فقال أبو سفيان: ما رأيت أحدا يحب أحدا كحب أصحاب محمد محمدا.
أسرت قريش مسلما في غزوة فغدا بلا وجل إلى السياف
ســألوه هل يرضيك أنك سالـم ولك النبي فدا من الإتلاف
فأجاب كلا لا سلمت من الردى ويصاب أنف محمد برعاف
وفي المقابل بعض الناس إذا ابتلوا ببلية، أو حصلت لهم مشكلة أو أصيبوا بمصيبة قعدوا، ووهنوا، وأصابهم الإحباط وتركوا العمل.. وهؤلاء ذمهم الله تعالى.
في غزوة أحد تعلمون أن المسلمين كانوا أقل كثيرا من المشركين، ومع ذلك رتب النبي جيشه باقتدار ووضع الخطة المناسبة، وجعل الرماة الخمسين على الجبل وعليهم عبد الله بن جبير، وأكد عليهم ألا يتركوا مواقعهم مهما كانت نتيجة المعركة، وقال: (لا تبرحوا أماكنكم وإن رأيتمونا تتخطفنا الطير).. وبدأت المعركة وسارت كما خطط لها رسول الله، وما هو إلا وقت قليل حتى ركب المسلمون أكتاف المشركين وهزموهم، وولى المشركون الأدبار وخلفهم المسلمون يحسونهم بالسيوف.
فلما رأى الرماة هذا ظنوا أن المعركة قد انتهت وبدءوا ينزلون ليجمعوا الغنائم، وقائدهم ابن جبير يذكرهم بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم، لكنهم لم يسمعوا ونزلوا وخالفوا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن كانوا متأولين نهاية المعركة..
فكان أن أتى خالد بن الوليد بفرسان المشركين، ودهموا المسلمين من الخلف، ووقعت الزلزلة في جيش المسلمين، واضطرب الحال وتحولت الكرة للمشركين، فركبوا أكتاف المسلمين وأعملوا فيهم القتل.. حتى قتلوا منهم سبعين، وجُرِح النبي صلى الله عليه وسلم، وكسرت رَباعيتُه وشُجَّ في وجهه، ودخلت حلقتا المغفر في وجنتيه، وأشيع بين الناس أن النبي قد قتل، ونادى الشيطان: إن محمدا قد مات.
فلما سمع بعض المسلمين ذلك تركوا الجهاد، ورموا السيوف وقعدوا ينتظرون الموت.. مر عليهم أنس بن النضر فقال مالكم: قالوا إن رسول الله قد مات، فما الحياة بعد رسول الله.. قال: فقوموا فموتوا على ما مات عليه رسول الله..
وقد عاتب الله سبحانه هؤلاء القاعدين وأنزل في حقهم: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ ۚ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ ۚ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا ۗ وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ (144) وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُّؤَجَّلًا ۗ وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا ۚ وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ (145) وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (146) وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَن قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (147) فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (148)}[آل عمران].
أي وما محمد إلا رسول كبقية رسل الله الذين بعثهم إلى خلقه يدعون إلى عبادته، ويبلغون رسالته، ويجاهدون في سبيل رفعة دينه وإعلاء كلمته.. فلما انتهت أعمارهم وانقضت آجالهم قبضهم الله إليه وماتوا كما هي سنة الله في العباد فماذا كان؟.
فكأنه يقول: وماذا لو مات رسول الله صلى الله عليه وسلم أو قتل، هل انتهت الحياة وانتهى الدين، بل يجب عليكم أن تسيروا على نهجه وتبلغوا دينه، وتنصروه حتى تلقوا ربكم.
كما هي سنة الله في الرسل وأتباع الرسل، يقول سبحانه {وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (146) وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَن قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (147) فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (148)}[آل عمران].
أي أنه قد كان فيمن قبلكم رسل وأنبياء معهم ربيون أي جماعات من الناس كثيرة وأتباع بالآلاف، قاتلوا مع نبيهم فقُتل نبيهم "على قراءة نافع وابن كثير المكي وأبي عمرو ويعقوب البصريين"، { وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قُتِلَ}، أو قتل عدد كبير ممن كان معه ـ على قراءة الباقين.. فما وهن من بقي منهم، ولا استكانوا، ولا ضعفوا، ولا ذلوا لعدوهم، ولا قبلوا الضيم ولا تنازلوا عن مبادئهم ودعوتهم، ولا باعوا دينهم بعرض من الدنيا قليل.
ولكنهم نظروا فعلموا أنهم إنما هزموا لتقصيرهم ومخالفة أمر ربهم، كما أنكم أصبتم وهزمتم لنفس السبب لما خالفتم أمر نبيكم، فعادوا باللوم على أنفسهم وقالوا: {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}.
فرجعوا إلى أنفسهم فلاموها على معاصيها وتقصيرها، وإسرافها في مخالفة أمر ربها وطاعة رسولها، فتابوا إلى الله من ذلك وسألوا الله العفو والمغفرة، ليستحقوا نصره..
ثم علموا أن الدعاء من أعظم أسباب النصر فدعوا ربهم وسألوه أن ينصرهم {وانصرنا على القوم الكافرين}.
فكانت العاقبة أن الله تقبل منهم توبتهم، واستجاب دعاءهم فآتاهم ثواب الدنيا بالنصر على أعدائهم، وسلامة دينهم، وتفضل عليهم بحسن ثواب الآخرة فجمعوا بين خير الدارين.. {فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}[آل عمران:148].
الإنسان في هذه الحياة لابد أن تقابله مشاكل ومتاعب، وبلايا ومصائب، وهذا أمر لا يخلو منه أحد من الناس فهذه هي طبيعة الحياة.
خلقت على كدر وأنت تريدها صفوا من الأقذاء والأكدار
ومكلف الأيام ضد طباعها متطلب في الماء جذوة نار
فطبيعة الحياة أن يكون فيها ابتلاءات وامتحانات وانكسارات أحيانا، لكن من فضل الله على أهل الإيمان أنه جعل من الإيمان سلوى يتسلون بها، وحافظا يحفظ به أهله ويحميهم من الوهن ومن التسخط والتبرم، ويصونهم من الانكسار أو اليأس أو التنازل، وهكذا الإيمان يصنع بأهله.
بشاشة الإيمان في القلوب
لما أحضر هرق ملك الروم أبا سفيان ليسأله عن أحوال رسول الله صلى الله وأحوال أتباعه، كان مما قال له: هلْ يَرْتَدُّ أحَدٌ منهم سَخْطَةً لِدِينِهِ بَعْدَ أنْ يَدْخُلَ فِيهِ؟ فقال أبو سفيان: لَا. قال هرقل: كَذلكَ الإيمَانُ، حِينَ تُخَالِطُ بَشَاشَتُهُ القُلُوبَ لا يَسْخَطُهُ أحَدٌ.
فالإيمان يحمي صاحبه ويحفظه من أن يتنازل، من أن ينكسر، من أن يضل، من أن يضيع، من أن يبيع دينه بعرض من الدنيا قليل.
بلال رضي الله عنه كان المشركون يعذبونه أشد العذاب، ويخرجونه في الرمضاء في هذا الحر الملتهب ويضعون الحجارة الحارقة على صدره العاري، وهو يقول ويكرر: أحد أحد.. فما ضعف ولا وهن، ولما سألوه لماذا يقول أحد.. أحد؟ قال: لأنهم يغتاظون منها، ولو أعلم كلمة هي أغيظ لهم منها لقلتها.
زنيرة جارية بني مؤمل، أسلمت فعذبتها سيدتها والمشركون حتى عميت وكف بصرها، ثم قال لها: إن اللات والعزى هي التي انتقمت منها لكفرها بهما.. فقالت: والله ما تدري اللات والعزى من يعبدهما، ولو شاء ربي لرد علي بصري.. فأصبحت وقد رد الله عليها بصرها.
لما أخذوا خبيب بن عدي في بعث الرجيع، ثم نصبوا له خشبة وصلبوه عليها استعدادا لقتله.. جاءه أبو سفيان وقال: يا خبيب أتحب أن محمدا مكانك نضرب عنقه، وأنت في بيتك وبين أهلك؟ فقال: والله ما أحب أني بين أهلي ورسول الله صلى الله عليه وسلم في المكان الذي هو فيه تشوكه شوكة.. فقال أبو سفيان: ما رأيت أحدا يحب أحدا كحب أصحاب محمد محمدا.
أسرت قريش مسلما في غزوة فغدا بلا وجل إلى السياف
ســألوه هل يرضيك أنك سالـم ولك النبي فدا من الإتلاف
فأجاب كلا لا سلمت من الردى ويصاب أنف محمد برعاف
وفي المقابل بعض الناس إذا ابتلوا ببلية، أو حصلت لهم مشكلة أو أصيبوا بمصيبة قعدوا، ووهنوا، وأصابهم الإحباط وتركوا العمل.. وهؤلاء ذمهم الله تعالى.
في غزوة أحد تعلمون أن المسلمين كانوا أقل كثيرا من المشركين، ومع ذلك رتب النبي جيشه باقتدار ووضع الخطة المناسبة، وجعل الرماة الخمسين على الجبل وعليهم عبد الله بن جبير، وأكد عليهم ألا يتركوا مواقعهم مهما كانت نتيجة المعركة، وقال: (لا تبرحوا أماكنكم وإن رأيتمونا تتخطفنا الطير).. وبدأت المعركة وسارت كما خطط لها رسول الله، وما هو إلا وقت قليل حتى ركب المسلمون أكتاف المشركين وهزموهم، وولى المشركون الأدبار وخلفهم المسلمون يحسونهم بالسيوف.
فلما رأى الرماة هذا ظنوا أن المعركة قد انتهت وبدءوا ينزلون ليجمعوا الغنائم، وقائدهم ابن جبير يذكرهم بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم، لكنهم لم يسمعوا ونزلوا وخالفوا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن كانوا متأولين نهاية المعركة..
فكان أن أتى خالد بن الوليد بفرسان المشركين، ودهموا المسلمين من الخلف، ووقعت الزلزلة في جيش المسلمين، واضطرب الحال وتحولت الكرة للمشركين، فركبوا أكتاف المسلمين وأعملوا فيهم القتل.. حتى قتلوا منهم سبعين، وجُرِح النبي صلى الله عليه وسلم، وكسرت رَباعيتُه وشُجَّ في وجهه، ودخلت حلقتا المغفر في وجنتيه، وأشيع بين الناس أن النبي قد قتل، ونادى الشيطان: إن محمدا قد مات.
فلما سمع بعض المسلمين ذلك تركوا الجهاد، ورموا السيوف وقعدوا ينتظرون الموت.. مر عليهم أنس بن النضر فقال مالكم: قالوا إن رسول الله قد مات، فما الحياة بعد رسول الله.. قال: فقوموا فموتوا على ما مات عليه رسول الله..
وقد عاتب الله سبحانه هؤلاء القاعدين وأنزل في حقهم: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ ۚ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ ۚ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا ۗ وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ (144) وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُّؤَجَّلًا ۗ وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا ۚ وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ (145) وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (146) وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَن قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (147) فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (148)}[آل عمران].
أي وما محمد إلا رسول كبقية رسل الله الذين بعثهم إلى خلقه يدعون إلى عبادته، ويبلغون رسالته، ويجاهدون في سبيل رفعة دينه وإعلاء كلمته.. فلما انتهت أعمارهم وانقضت آجالهم قبضهم الله إليه وماتوا كما هي سنة الله في العباد فماذا كان؟.
فكأنه يقول: وماذا لو مات رسول الله صلى الله عليه وسلم أو قتل، هل انتهت الحياة وانتهى الدين، بل يجب عليكم أن تسيروا على نهجه وتبلغوا دينه، وتنصروه حتى تلقوا ربكم.
كما هي سنة الله في الرسل وأتباع الرسل، يقول سبحانه {وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (146) وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَن قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (147) فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (148)}[آل عمران].
أي أنه قد كان فيمن قبلكم رسل وأنبياء معهم ربيون أي جماعات من الناس كثيرة وأتباع بالآلاف، قاتلوا مع نبيهم فقُتل نبيهم "على قراءة نافع وابن كثير المكي وأبي عمرو ويعقوب البصريين"، { وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قُتِلَ}، أو قتل عدد كبير ممن كان معه ـ على قراءة الباقين.. فما وهن من بقي منهم، ولا استكانوا، ولا ضعفوا، ولا ذلوا لعدوهم، ولا قبلوا الضيم ولا تنازلوا عن مبادئهم ودعوتهم، ولا باعوا دينهم بعرض من الدنيا قليل.
ولكنهم نظروا فعلموا أنهم إنما هزموا لتقصيرهم ومخالفة أمر ربهم، كما أنكم أصبتم وهزمتم لنفس السبب لما خالفتم أمر نبيكم، فعادوا باللوم على أنفسهم وقالوا: {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}.
فرجعوا إلى أنفسهم فلاموها على معاصيها وتقصيرها، وإسرافها في مخالفة أمر ربها وطاعة رسولها، فتابوا إلى الله من ذلك وسألوا الله العفو والمغفرة، ليستحقوا نصره..
ثم علموا أن الدعاء من أعظم أسباب النصر فدعوا ربهم وسألوه أن ينصرهم {وانصرنا على القوم الكافرين}.
فكانت العاقبة أن الله تقبل منهم توبتهم، واستجاب دعاءهم فآتاهم ثواب الدنيا بالنصر على أعدائهم، وسلامة دينهم، وتفضل عليهم بحسن ثواب الآخرة فجمعوا بين خير الدارين.. {فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}[آل عمران:148].
islamnet- Admin
- https://i.servimg.com/u/f17/20/52/68/78/4e311d10.gifhttps://i.servimg.com/u/f17/20/52/68/78/4e311d10.gifhttps://www3.0zz0.com/2023/10/19/22/824410673.gifhttps://www3.0zz0.com/2023/10/19/22/824410673.gifhttps://i.servimg.com/u/f17/20/52/68/78/ia_ai_10.gifhttps://i.servimg.com/u/f17/20/52/68/78/ia_ai_10.gif
- Posts : 31
Join date : 2023-10-13
Similar topics
» معنى قول الله عز وجل: (ولقد رآه نزلة أخرى)، وهل رأى النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء
» متى نصر الله
» متى نصر الله
» وأفوض أمري إلى الله
» الإيمان برقابة الله تعالى
» متى نصر الله
» متى نصر الله
» وأفوض أمري إلى الله
» الإيمان برقابة الله تعالى
Page 1 of 1
Permissions in this forum:
You cannot reply to topics in this forum
Wed Sep 04, 2024 11:19 pm by islamnet
» الإيمان بسؤال القبر ونعيمه وعذابه
Tue Sep 03, 2024 11:48 pm by islamnet
» من وسائل الثواب
Tue Sep 03, 2024 11:46 pm by islamnet
» عضل النساء
Tue Sep 03, 2024 11:44 pm by islamnet
» متى نصر الله
Sun Sep 01, 2024 8:16 pm by islamnet
» الاهْتِمام بالضُعَفاء في السيرةِ النبَويَّة
Sun Sep 01, 2024 8:14 pm by islamnet
» لفظ (الخيانة) في القرآن الكريم
Sun Sep 01, 2024 8:06 pm by islamnet
» لفظ (الخيانة) في القرآن الكريم
Sun Sep 01, 2024 7:52 pm by islamnet
» في الحديث : {إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها
Thu Aug 29, 2024 5:50 pm by Morocco1978
» معنى قول الله عز وجل: (ولقد رآه نزلة أخرى)، وهل رأى النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء
Thu Aug 29, 2024 5:46 pm by Morocco1978
» لا تنفذون إلا بسلطان
Sun Aug 25, 2024 9:10 pm by Spider man
» مفهوم الأسرة الممتدة في السنة النبوية
Sun Aug 25, 2024 7:46 pm by Spider man
» منزلة القرآن الكريم وحقوقه علينا
Fri Aug 23, 2024 1:43 pm by Amine
» جمع لأحكام وفضائل الجمعة
Fri Aug 23, 2024 12:54 pm by Amine
» الاستدانة هم بالليل وذل بالنهار
Tue Aug 20, 2024 10:56 pm by islamnet
» مواقف من مراعاة النبي صلى الله عليه وسلم لمشاعر المرأة
Mon Aug 19, 2024 4:40 pm by islamnet
» مقاصد سورة الصف
Mon Aug 19, 2024 3:57 pm by islamnet
» علاج آلام الأقدام من سنة النبي عليه الصلاة والسلام
Fri Aug 16, 2024 3:02 pm by islamnet
» علاج آلام الأقدام من سنة النبي عليه الصلاة والسلام
Fri Aug 16, 2024 3:01 pm by islamnet
» الغيب في حياة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام
Fri Aug 16, 2024 2:59 pm by islamnet
» فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله
Tue Nov 07, 2023 6:07 pm by islamnet
» متى نصر الله
Tue Nov 07, 2023 6:03 pm by islamnet
» التوحيد أولى المطالب
Wed Nov 01, 2023 4:53 pm by Hicham
» نُصْرَة المظلومين في سِيرة خير المُرْسَلِين
Wed Nov 01, 2023 4:50 pm by Hicham
» الاهتمام بأمر المسلمين في السنة النبوية
Wed Nov 01, 2023 4:46 pm by Hicham
» من حِكَم البلاء
Wed Nov 01, 2023 4:43 pm by Hicham
» واجب المسلم تجاه إخوانه في فلسطين المحتلة
Wed Oct 25, 2023 9:17 pm by islamnet
» الصبر نصف الإيمان
Sun Oct 22, 2023 3:33 pm by Spider man
» المسجد الأقصى في تاريخنا
Sun Oct 22, 2023 3:29 pm by Spider man
» البأساء والضراء في القرآن الكريم
Thu Oct 19, 2023 11:37 pm by islamnet
» أسباب الفلاح كما بَيَّنَتْهَا السُّنَّةُ النَّبَوِيَّة
Thu Oct 19, 2023 11:29 pm by Admin
» الأدلة على عدم جواز الترحم على غير المسلم بعد موته، مع رد شبهات المجيزين
Thu Oct 19, 2023 11:27 pm by Admin
» الصبر نصف الإيمان
Thu Oct 19, 2023 11:21 pm by Amine Morocco Sat
» مواعظ نبوية بشأن الصلاة
Tue Oct 17, 2023 7:13 pm by Morocco1978
» الصحابة في مَنْهج أهل السُنة
Tue Oct 17, 2023 6:58 pm by Morocco1978
» ثلاثة عقود في المكر للإسلام
Mon Oct 16, 2023 12:19 am by Hicham
» مزاح أم سخرية ؟؟؟
Sun Oct 15, 2023 7:20 pm by Imane
» وأفوض أمري إلى الله
Sat Oct 14, 2023 4:05 pm by Morocco1978
» الحكم الشرعي للعلاج بالطاقة
Sat Oct 14, 2023 12:01 am by islamnet
» تكرار سؤال الله دخول الجنة، والاستجارة من النار ثلاثا أو سبعا
Fri Oct 13, 2023 10:26 pm by islamnet
» مواعظ نبوية بشأن الصلاة
Fri Oct 13, 2023 10:24 pm by islamnet
» سُبحانَ ذي الجبَروتِ والمَلَكوتِ والكِبرياء والعَظَمة
Fri Oct 13, 2023 10:21 pm by islamnet
» الإيمان برقابة الله تعالى
Fri Oct 13, 2023 10:16 pm by islamnet
» الصحابة في مَنْهج أهل السُنة
Fri Oct 13, 2023 10:13 pm by islamnet
» أسرة إبراهيم عليه السلام
Fri Oct 13, 2023 9:16 pm by islamnet
» السيرة النبوية والوسطية والاعتدال
Fri Oct 13, 2023 9:12 pm by islamnet
» السيرة النبوية والوسطية والاعتدال
Fri Oct 13, 2023 9:12 pm by islamnet
» الإمام أبو حنيفة النعمان
Fri Oct 13, 2023 7:35 pm by islamnet
» لم تقولون ما لا تفعلون
Fri Oct 13, 2023 7:19 pm by islamnet
» من أسباب الغلو الإعراض عن سؤال العلماء
Fri Oct 13, 2023 7:16 pm by islamnet
» إذا مررتم برياض الجنة.. فارتعوا
Fri Oct 13, 2023 7:11 pm by islamnet